24 جمادى الثانية 1447 الموافق الإثنين 15 ديسمبر 2025
رئيس التحرير
هاني ابوزيد
رئيس التحرير
هاني ابوزيد

شركة كويتية غامضة تتصدر مشهد مليارات شركة النصر للإسكان!

انفراد أسكاني | لغز «البلاتوه» و«جوزيف تيتو».. قرارات تُلغى في الظل

وزير قطاع الأعمال
وزير قطاع الأعمال

 

بعد تحقيق «أسكاني » السابق عن التغييرات المفاجئة في قيادة شركة النصر للإسكان والتعمير وشبهات الصراعات حول «أرض جوزيف تيتو»، تتكشف اليوم فصول جديدة تتعلق بقطعة أرض أخرى لا تقل أهمية، بل تكشف ـ على نحو يثير التساؤلات ـ كيف تُدار أصول بمئات الملايين دون وضوح في الرؤية ولا تفسير مقنع للقرارات المتضاربة.

 

 أرض «البلاتوه».. 67 ألف متر مربع في قلب المقطم

 

الأرض التي تدور حولها الأزمة الجديدة تُعرف في الأوراق باسم بلاتوه المقطم، وتبلغ مساحتها نحو 67 ألف متر مربع تقع في منطقة حيوية عند مدخل كمبوند «آب تاون كايرو»، وأمام نادي الإعلاميين بالمقطم.
أرض بهذا الموقع والمساحة يُفترض أن تكون ركيزة استثمارية بارزة لشركة بحجم النصر للإسكان، لكن ما جرى يكشف عن تخبط إداري وقرارات متناقضة أثارت حيرة العاملين داخل الشركة والمستثمرين على السواء.


 طرح أول.. ثم إلغاء مفاجئ

 

في المرة الأولى التي تم فيها طرح الأرض، تقدمت شركة كويتية تدعى “جاينس” بعرض وحيد، فتم إلغاء الطرح بدعوى أنه لا يجوز قانونًا ترسية مشروع بهذا الحجم على عرض وحيد.


حتى هنا يبدو القرار سليمًا من حيث الشكل، لكن الغريب أنّ الاسم نفسه — جاينس — عاد للظهور مجددًا في ملف آخر أكثر حساسية: مشروع أرض جوزيف تيتو.

 

 من المقطم إلى جوزيف تيتو.. ظهور متكرر لاسم “جاينس”

 

مصادر داخل الشركة قالت لـ«اسكاني » إن الشركة الكويتية نفسها تقدمت لاحقًا بعرض جديد لمشروع أرض جوزيف تيتو، وهي الأرض التي كشفنا عنها في تحقيقنا السابق كإحدى النقاط الساخنة في صراعات الاستثمار بوزارة قطاع الأعمال العام.
وتؤكد تلك المصادر أنّ ما يُشاع داخل أروقة النصر — دون أي مستند رسمي منشور — هو أنّ شركة جاينس تحظى بدعم خاص من الوزير المختص، رغم أنّ هذه الشركة لا تمتلك سابقة أعمال في مصر ولا سجلًا معروفًا في مجال التطوير العقاري، بل تُوصف بأنها عبارة عن تحالف من 3 شركات واحدة تعمل في قطاع المقاولات العامة والثانية تعمل في وصف الطرق، و"جاينس" الكويتية التي لم يسبق لها العمل في مصر.

حتى الآن، لا دليل قانوني على وجود علاقة مباشرة بين الوزير وشركة جاينس، لكن تكرار اسم الشركة في أكثر من مشروع داخل نطاق الوزارة يثير تساؤلًا مشروعًا:

هل نحن أمام مصادفة بريئة، أم أمام نموذج جديد من “شركات الواجهة” التي تُستخدم كبوابة لعلاقات خفية في السوق العقاري العام؟

 

 إعادة طرح مشروع «البلاتوه».. ثم إلغاؤه مجددًا!

 

بعد إلغاء الطرح الأول، قررت الشركة إعادة طرح المشروع مجددًا، فتقدمت عدة شركات بعروض جدّية، وتم قبول ثلاثة عروض فقط كأفضل العروض:
1. الشركة المصرية للمقاولات والإدارة والصيانة.
2. شركة (جاينس).
3. شركة مدينة مصر للإسكان والتعمير.

ووفقًا لمصادر داخلية تحدثت  إلى «أسكاني   »، قرّر مجلس إدارة النصر التفاوض مع الشركات الثلاث بنظام الممارسة لتحسين العروض، وهو الإجراء المعتاد في مثل هذه الحالات.

لكن المفاجأة أن الطرح أُلغي بالكامل دون إبداء أسباب واضحة، رغم أن أفضل العروض — بحسب المصادر — جاء من الشركة المصرية للمقاولات والإدارة والصيانة، وهو عرض يفوق باقي العروض من حيث القيمة الفنية والمالية.

 

قرار الإلغاء.. بلا تفسير ولا مبرر

 

حتى لحظة إعداد هذا التحقيق، لم يصدر بيان رسمي من شركة النصر للإسكان يوضح سبب إلغاء الطرح للمرة الثانية.
لكن مصادر داخلية ترجّح أن الإلغاء تم لتهيئة الأرض لطرح جديد قد تستفيد منه شركة جاينس الكويتية، لكن هذه الترجيحات تبقى في حدود الشائعات غير المؤكدة، إذ لم نحصل على أي مستند إداري أو قرار وزاري يدعمها.

إحدى الملعومات التي وصلت إلى «اسكاني » تُظهر أن لجنة البت أوصت بالاستمرار في التفاوض لتحسين العروض، لا بإلغاء المشروع. ومع ذلك، تم تجاوز التوصية وإيقاف العملية برمتها.

قرار يوصف من قبل بعض أعضاء اللجان الداخلية بأنه «غير مسبوق في تاريخ الشركة» نظرًا لتمام كل الإجراءات القانونية للطرح قبل أن يُلغى فجأة.


 من وراء شركة “جاينس”؟

 

تحاول «أسكاني » منذ أسبوعين التواصل مع إدارة الشركة الكويتية جاينس للتجارة والمقاولات عبر أرقام الاتصال المسجلة في الأوراق، دون رد حتى الآن.
لكنّ البحث الميداني أظهر أن نشاط الشركة يتركز في مشاريع محدودة داخل الكويت، وليس في مجال التطوير العقاري أو الشراكات الاستثمارية، ما يثير علامات استفهام حول أسباب دخولها المفاجئ إلى السوق العقاري المصري عبر مشاريع ضخمة تابعة لشركات حكومية.

 مصدر هندسي سابق في الوزارة (طلب عدم ذكر اسمه) قال:

 

“الملف كله يحتاج مراجعة من هيئة الرقابة الإدارية. لا أحد يفهم لماذا يتم إلغاء الطرح مرتين، ولا لماذا يظهر اسم شركة لا تملك أي نشاط في التطوير العقاري وسط هذا الحجم من الأصول العامة.”

 

 نمط متكرر.. بلاتوه اليوم وتيتو بالأمس والمثلث غدًا

 

الأرض المعروفة باسم أرض المثلث، والتي تبلغ قيمتها السوقية أرقامًا فلكية، تشهد بدورها إشارات إلى خلافات وتغييرات في بنود الطرح، ما قد يكشف عن نمط متكرر من السياسات المرتبكة داخل الشركة، أو ما يسميه بعض العاملين «إدارة متخبطة» لموارد عقارية قومية.

مصادر مطلعة قالت إن فوضى القرارات في ملف بلاتوه تشبه إلى حد كبير ما جرى في «جوزيف تيتو»، وهو ما يوحي بأننا أمام سياسة ممنهجة لإعادة توزيع الأصول بطرق غير مفهومة، ربما تفتح الباب أمام تحقيقات رقابية لاحقة.

 

 تساؤلات مفتوحة تطلب إجابة عاجلة

 


1. لماذا أُلغيت ممارسة بلاتوه المقطم رغم اكتمال إجراءاتها؟
2. هل هناك مبررات مكتوبة أو ملاحظات فنية من مجلس الإدارة؟
3. ما طبيعة العلاقة بين شركة جاينس والوزارة أو شركة النصر؟
4. هل تم التواصل مع هيئة الاستثمار أو هيئة المجتمعات العمرانية للمراجعة

إلى ما سبق كله نؤكد في  موقع اسكاني  أن التحقيقات الصحفية لا تحكم، لكنها تُنير.
وحتى اللحظة، لا نملك ما يثبت فسادًا ماليًا أو إداريًا في مشروع «البلاتوه»، لكننا نملك من القرائن ما يكفي لطرح الأسئلة الصعبة على كل الأطراف.

شركة النصر للإسكان مطالَبة بردّ واضح، ووزارة قطاع الأعمال العام مطالَبة بإعلان موقفها من شركة جاينس ومن قرارات الإلغاء المتكررة التي تمسّ الشفافية في إدارة الأصول العامة.

في الحلقة القادمة من هذا الملف، سنفتح تحقيقًا موسعًا حول مشروع أرض المثلث وما يشوبه من إجراءات متضاربة وقرارات حائرة…
ملفات تبدو متفرقة في ظاهرها، لكنها – كما تقول الوقائع – تتشابك في خيط واحد عنوانه:

كيف تُدار أراضي الدولة في شركة النصر للإسكان؟